سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٥٦٨
اثنتين وعشرين ظفر الوزير ابن مقلة بهذا، فسجنه، وكبس داره، فوجد فيها رقاعا وكتبا مما يدعى عليه، وفيها خطابه بما لا يخاطب به بشر، فعرضت عليه، فأقرأنها خطوطهم، وتنصل مما يقال فيها، وتبرأ منهم، فمد ابن عبدوس يده، فصفعه. وأما ابن أبي عون فمد يده إليه، فارتعدت يده، ثم قبل لحيته ورأسه وقال: إلهي، ورازقي، وسيدي!.
فقال له الراضي بالله: قد زعمت أنك لا تدعي الإلهية، فما هذا؟
قال: وما علي من قول هذا؟ والله يعلم أنني ما قلت له: إنني إله قط.
فقال ابن عبدوس: إنه لم يدع إلهية، إنما ادعى أنه الباب إلى الإمام المنتظر . ثم إنهم أحضروا مرات بمحضر الفقهاء والقضاة، ثم في آخر الامر أفتى العلماء بإباحة دمه، فأحرق في ذي القعدة من السنة، وضرب ابن أبي عون بالسياط، ثم ضربت عنقه وأحرق.
وله مصنفات أدبية، وكان من كبار الكتاب.
وذكرنا في الحوادث: أن في هذا العام ظهر الشلمغاني.
وشلمغان: قرية من قرى واسط. فشاع عنه ادعاء الربوبية، وأنه يحيي الموتى، فأحضره ابن مقلة عند الراضي، فسمع كلامه، وأنكر ما قيل عنه. وقال: لتنزلن العقوبة على الذي باهلني بعد ثلاث، وأكثره تسعة أيام، وإلا فدمي حلال. فضرب ثمانين سوطا، ثم قتل وصلب.
وقتل بسببه وزير المقتدر، الحسين (1)، اتهم بالزندقة. وقتل أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن هلال بن أبي عون الأنباري للكاتب.
وقد كان أبو علي الحسين ويقال: الجمال وزر للمقتدر في سنة

(1) انظر ترجمته وخبر قتله في " العبر " 2 / 191 - 192.
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 » »»