سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٤٧٨
أبو أحمد المحسن في مكاره الناس بلا فائدة، ويضرب من يؤدي بغير ضرب. فقال: لو لم يفعل هذا بأعدائه ومن أساء إليه لما كان من أولاد الأحرار، ولكان ميتا، وقد أحسنت إلى الناس دفعتين فما شكروني، والله لأسيئن. فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قبض عليه.
قال الصولي: لما وزر ابن الفرات ثالثا خرج متغيظا على الناس لما كان فعله حامد الوزير بابنه المحسن، فأطلق يد ابنه على الناس، فقتل حامدا بالعذاب، وأبار العالم، وكان مشؤوما على أهل، ماحيا لمناقبهم.
قال المعتضد لعبد الله وزيره: أريد أعرف ارتفاع الدنيا. فطلب الوزير ذلك من جماعة، فاستمهلوه شهرا، وكان ابن الفرات وأخوه أبو العباس محبوسين، فأعلما بذلك، فعملاه في يومين وأنفذاه، فأخرجا وعفي عنهما.
وكان أخوه أبو العباس أحمد (1) أكتب أهل زمانه، وأوفرهم أدبا، امتدحه البحتري (2)، ومات سنة إحدى وتسعين ومئتين.
وأخوهما جعفر عرضت عليه الوزارة فأباها (3).
قال الصولي: قبض المقتدر على ابن الفرات، وهرب ابنه،، فاشتد السلطان وجميع الأولياء في طلبه، إلى أن وجد، وقد حلق لحيته، وتشبه بامرأة في خف وإزار، ثم طولب هو وأبوه بالأموال، وسلما إلى الوزير عبيد

(1) هو أحمد بن محمد بن الفرات، ذكر له ابن خلكان في " وفياته " 3 / 424 ترجمة عارضة ضمن ترجمة أخيه علي بن محمد.
(2) وله فيه القصيدة التي في " ديوانه " 1 / 240 ومطلعها.
بت أبدي وجدا وأتم وجدا * لخيال قد بات لي منك يهدى (3) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 424.
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»