سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٤٧٥
فتنة ابن المعتز، وقتل العباس الوزير، فوزر ابن الفرات سنة ست وتسعين، وتمكن، فأحسن وعدل، وكان سمحا مفضالا محتشما، رأسا في حساب الديوان، له ثلاثة بنين، المحسن والفضل والحسين، ثم عزل في ذي الحجة سنة تسع وتسعين، ثم وزر في سنة أريع وثلاث مئة إثر عزل علي بن عيسى، ثم عزل بعد سبعة عشر شهرا بحامد بن العباس، ثم وليها سنة 311، وولى ولده المحسن الدواوين، فعسف وصادر وعذب، وظلم أبوه أيضا، واستأصل جماعة، فعزل بعد سنة إلا أياما، وقيل: إنه وصل المحدثين بعشرين ألف درهم.
وذكر جماعة أن صاحب خبر ابن الفرات رفع إليه أن رجلا من أرباب الحوائج اشترى خبزا وجبنا فأكله في الدهليز، فأقلقه هذا، وأمر بنصب مطبخ لمن يحضر من أرباب الحوائج، فلم يزل ذلك طول أيامه.
قال ابن فارس اللغوي: حدثنا أبو الحسن البصري: قال لي رجل: كنت أخدم الوزير بن الفرات، فحبس وله عندي خمس مئة دينار، فتلطفت بالسجان حتى أدخلت، فلما رآني تعجب وقال: ألك حاجة؟
فأخرجت الذهب وقلت: تنتفع بهذا، فأخذه مني، ثم رده وقال: يكون عندك وديعة. فرجعت. ثم أفرج عنه بعد مدة، وعاد إلى دسته، فأتيته، فطأطأ رأسه ولم يملا عينيه مني، وطال إعراضه، حتى أنفقت الذهب، وساءت حالي إلى يوم، فقال لي: وردت سفن من الهند، ففسرها واقتض حق بيت المال، وخذ رسمنا، فعدت إلى بيتي، فأعطتني المرأة خمارا وقرطتين، فبعت ذلك، وتجهزت به، وانحدرت وفسرت السفن، وقبضت الحق ورسم الوزير، وأتيت بغداد، فقال الوزير: سلم حق بيت المال، واقبض الرسم إلى بيتك. قلت: هو خمسة وعشرون
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»