وقال: ما الامر؟ قلت: خير، هو أمر يخصني، فسكن، وصرف من حوله، فقلت: إنك قصدتني وشرعت يا هذا تؤذيني وتتفرغ لي، وتعمل في هلاكي، ولعمري لقد أسأت في خدمتك، وقد جهدت في استصلاحك، فلم يغن، وليس شئ أضعف من الهر، وإذا عاث في دكان الفامي فظفر به ولزه، وثب وخمش، فإن صلحت لي وإلا والله لأقصدن الخليفة، وأحمل إليه ألفي ألف دينار، وأقول: سلم ابن الفرات إلى فلان وأعطه الوزارة، فيفعل ويعذبك ويأخذ منك في قدرها، ويعظم قدري بعزلي وزيرا وإقامتي وزيرا، فقال: يا عدو الله! وتستحل هذا؟
قلت: أنت أحوجتني، وإلا فاحلف لي الساعة على إنصافي، فقال:
وتحلف أنت كذلك: وعلي حسن الطاعة والمؤازرة. قلت: نعم، فقال: لعنك الله يا إبليس، لقد سحرتني. وأخذ دواة، وعملنا نسخة اليمين، وحلفته أولا، ثم قال: يا أبا عبد الله! لقد عظمت في نفسي، ما كان المقتدر عنده فرق بين كفاءتي وبين أصغر كتابي مع الذهب، فاكتم ما جرى. فقلت: سبحان الله! ثم قال: تعال غدا، فسترى ما أعاملك به. فعدت إلى داري. وما طلع الفجر. فقال ابنه: أفهذا فعل من يحكى عنه تلك الحكايات؟ قلت: لا.
قلت: لعل بهذه الحركة أضمر له الوزير الشر، فنسأل الله السلامة.
توفي ابن الجصاص في شوال سنة خمس عشرة وثلاث مئة، وقد أسن.