ألف دينار. قال: فحفظتها، وطالت المدة. ورأى في وجهي ضرا فقال:
ادن مني، ما لي أراك متغير اللون، سيئ الحال؟ فحدثته بقصتي.
قال: ويحك! وأنت ممن ينفق في مدة يسيرة خمسة وعشرين ألفا؟!
قلت: ومن أين لي ذلك؟ قال: يا جاهل! ما قلت لك احملها إلى منزلك، أتراني لم أجد من أودعه غيرك؟ ويحك! أما رأيت إعراضي عنك؟ إنما كان حياء منك، وتذكرت جميل صنعك وأنا محبوس، فصر إلى منزلك، واتسع في النفقة، وأنا أفكر لك في غير ذلك.
ذكر ابن مقلة أنه حضر مجلس ابن الفرات في أول وزراته، فأدخل إليه عبيد الله بن عبد الله بن طاهر في محفة، فدفع الوزير إليه عشرة آلاف درهم سرا، فأنشد:
أياديك عندي معظمات جلائل * طوال المدى شكري لهن قصير فإن كنت عن شكري غنيا فإنني * إلى شكر ما أوليتني لفقير قيل: كان ابن الفرات يلتذ بقضاء حوائج الرعية، وما رد أحدا قط عن حاجة رد آيس، بل يقول: تعاودني. أو يقول: أعوضك من هذا.
سمع الصولي عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول: حين وزر ابن الفرات ما افتقرت الوزارة إلى أحد قط افتقارها إليه.
قال الصولي: لما قبض علي ابن الفرات، نظرنا فإذا هو يجري على خمسة آلاف نفس، أقل جاري أحدهم في الشهر خمسة دراهم ونصف قفيز دقيق، وأعلاهم مئة دينار وعشرة أقفزة.
الصولي: حدثني أحمد بن العباس النوفلي: أنهم كانوا يجالسون ابن الفرات قبل الوزارة، وجلس معهم ليلة لما وزر، فلم يجئ الفراشون