سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٢٣
يستغويه، وكان أبو سهل فطنا، فقال لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها يمكن فيها الحيل، ولكني رجل غزل، ولا لذة لي أكبر من النساء، وأنا مبتلى بالصلع، فإن جعل لي شعرا ورد لحيتي سوداء، آمنت بما يدعوني إليه وقلت: إنه باب الامام، وإن شاء قلت: إنه الامام، وإن شاء قلت: إنه النبي، وإن شاء قلت: إنه الله. فأيس الحلاج منه وكف.
قال الأزرق: وكان يدعو كل قوم إلى شئ [من هذه الأشياء] حسب ما يستبله طائفة طائفة. أخبرني جماعة من أصحابه: أنه لما افتتن به الناس بالأهواز وكورها بما يخرج لهم من الأطعمة والأشربة في غير حينها، والدراهم التي سماها دراهم القدرة، فحدث أبو علي الجبائي بذلك، فقال: هذه الأشياء يمكن الحيل فيها في منازل، لكن أدخلوه بيتا من بيوتكم وكلفوه أن يخرج منه جرزتين شوكا. فبلغ الحلاج قوله، وأن قوما قد عملوا على ذلك، فسافر.
وفي " النشوار " للتنوخي (1): أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق الأهوازي قال: حدثني منجم ماهر قال: بلغني خبر الحلاج، فجئته كالمسترشد، فخاطبني [وخاطبته] ثم قال: تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به. وكنا في بعض بلدان الجبل التي لا يكون فيها الأنهار، فقلت:
أريد سمكا طريا حيا، فقام، فدخل البيت، وأغلق بابه، وأبطأ ساعة، ثم جاءني وقد خاض وحلا إلى ركبته، ومعه سمكة تضطرب، وقال: دعوت الله، فأمرني أن أقصد البطائح، فجئت بهذه. قال: فعلمت أن هذا حيلة، فقلت له: فدعني أدخل البيت، فإن لم تنكشف لي حيلة آمنت بك؟. قال:
شأنك. فدخلت [البيت] وغلقت على نفسي، فلم أجد طريقا ولا حيلة،

(1) 1 / 165 168 وما بين حاصرتين منه.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»