سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ١٣٠
قلت: لعل أن يقال: هذه منقبة لمعاوية لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم! من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة " (1).
قال مأمون المصري المحدث: خرجنا إلى طرسوس مع النسائي سنة الفداء، فاجتمع جماعة من الأئمة: عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن إبراهيم مربع، وأبو الاذان، وكيلجة (2)، فتشاوروا: من ينتقي لهم على الشيوخ؟ فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي، وكتبوا كلهم بانتخابه.
قال الحاكم: كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحير في حسن كلامه.
قال ابن الأثير في أول " جامع الأصول " (3): كان شافعيا، له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعا متحريا. قيل: إنه أتى الحارث بن مسكين في زي أنكره، عليه قلنسوة وقباء، وكان الحارث خائفا من (4) أمور تتعلق بالسلطان، فخاف أن يكون عينا عليه، فمنعه، فكان يجئ فيقعد خلف الباب ويسمع، ولذلك ما قال: حدثنا الحارث، وإنما يقول: قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع.

(1) أخرجه مسلم برقم (2600) من حديث عائشة، و (2601) من حديث أبي هريرة، و (2602) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، ولفظ حديث أبي هريرة: " اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة ".
(2) بكسر الكاف وفتح اللام كما في " المغني ": هو محمد بن صالح بن عبد الرحمن البغدادي، أبو بكر الأنماطي، الملقب كيلجة. قال الحافظ في " التقريب " 2 / 170: ثقة حافظ .. توفي سنة 271 ه‍.
(3) 1 / 196 197.
(4) في " جامع الأصول ": خائضا في.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»