سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ١٢٨
وعن النسائي قال: أقمت عند قتيبة بن سعيد سنة وشهرين.
وكان النسائي يسكن بزقاق القناديل (1) بمصر.
وكان نضر الوجه مع كبر السن، يؤثر لباس البرود النوبية والخضر، ويكثر الاستمتاع، له أربع زوجات، فكان يقسم لهن، ولا يخلو مع ذلك من سرية، وكان يكثر أكل الديوك، تشترى له وتسمن وتخصى.
قال مرة بعض الطلبة: ما أظن أبا عبد الرحمن إلا أنه يشرب النبيذ للنضرة التي في وجهه.
وقال آخر: ليت شعري ما يرى في إتيان النساء في أدبارهن؟ قال:
فسئل عن ذلك، فقال: النبيذ حرام، ولا يصح في الدبر شئ. لكن حدث محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس قال: اسق حرثك حيث شئت " (2).
فلا ينبغي أن يتجاوز قوله.
قلت: قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أدبار النساء (3)، وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مصنف كبير.

(1) محلة بمصر مشهورة، فيها سوق الكتب والدفاتر والظرائف كالزجاج وغيرها مما يستظرف. قال الكندي: " سمي بذلك لأنه كان منازل الاشراف، وكانت على أبوابهم القناديل ". أنظر " معجم البلدان " 3 / 145.
(2) أخرجه البيهقي: 7 / 196 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ " اسق حرثك من حيث نباته ".
(3) قال الإمام البغوي في " شرح السنة " 9 / 106 بتحقيقنا: اتفق أهل العلم على أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قبلها من جانب دبرها، وعلى أي صفة شاء، وفيه نزلت الآية. قال ابن عباس: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: ائتها من بين يديها ومن خلفها بعد أن يكون في المأتى.
وقال عكرمة: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) إنما هو الفرج، ومثله عن الحسن. وعن سعيد بن المسيب (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: إن شئت فاعزل. وإن شئت فلا تعزل. وقيل في قوله عز وجل (نساؤكم حرث لكم) أي: هن لكم بمنزلة الأرض تزرع، ومحل الحرث هو القبل.
أما الاتيان في الدبر فحرام، فمن فعله جاهلا بتحريمه نهي عنه، فإن عاد عزر، فروى الشافعي 2 / 360، وأحمد: 2 / 213، والطحاوي: 2 / 25 من حديث خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ". وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (1299) وابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ووصفه الحافظ في " الفتح " 8 / 143 بأنه من الأحاديث الصالحة الاسناد.
وأخرج أحمد: 2 / 244 و 479، وأبو داود (2162) في النكاح: باب جامع في النكاح، وابن ماجة (1923) في النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، من حديث أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها ". قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 125: إسناده صحيح. وله شاهد عند ابن عدي: 3 / 421، والطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " 4 / 299 من حديث عقبة بن عامر. وسنده حسن، فيتقوى به.
وانظر الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن إتيان الرجل زوجته في الدبر في " زاد المعاد " 4 / 257 وما بعدها و " سير أعلام النبلاء " 7 / 131.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»