سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٢٩١
وبدعوه، ونسبوا إليه الزندقة، وأشياء نزهه الله منها. وكان بقي يقول: لقد غرست لهم بالأندلس غرسا لا يقلع إلا بخروج الدجال (1).
قال: وقال بقي: أتيت العراق، وقد منع أحمد بن حنبل من الحديث، فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خلة، فكان يحدثني بالحديث في زي السؤال، ونحن خلوة، حتى اجتمع لي عنه نحو من ثلاث مئة حديث.
قلت: هذه حكاية منقطعة.
قال ابن حزم: و " مسند " بقي روى فيه عن ألف وثلاث مئة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لاحد قبله، مع ثقته وضبطه، وإتقانه واحتفاله في الحديث. وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم، الذي قد أربى فيه على " مصنف " ابن أبي شيبة، وعلى " مصنف " عبد الرزاق، وعلى " مصنف " سعيد بن منصور.... ثم إنه نوه بذكر " تفسيره "، وقال: فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الاسلام، لا نظير لها، وكان متخيرا لا يقلد أحدا، وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي (2).
وقال أبو عبد الملك المذكور في " تاريخه ": كان بقي طوالا أقنى (3)، ذا لحية مضبرا (4) قويا جلدا على المشي، لم ير راكبا دابة قط،

(١) انظر: تذكرة الحفاظ: ٢ / 630.
(2) معجم الأدباء: 7 / 78 - 80.
(3) القنا: احديداب في الانف. يقال: رجل أقنى الانف، وامرأة؟ قنواء.
(4) الضبر: تلزيز العظام، واكتناز اللحم.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»