وكان ملازما لحضور الجنائز، متواضعا، وكان يقول إني لأعرف رجلا، كان تمضي عليه الأيام في وقت طلبه العلم، ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمي، وسمعت من كل من سمعت منه في البلدان ماشيا إليهم على قدمي (1).
قال ابن لبابة الحافظ: كان بقي من عقلاء الناس وأفاضلهم، وكان أسلم بن عبد العزيز يقدمه على جميع من لقيه بالمشرق، ويصف زهده، ويقول: ربما كنت أمشي معه في أزقة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه (2).
وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة (3)، قال: كان بقي يختم القرآن كل ليلة، في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مئة ركعة، ويصوم الدهر.
وكان كثير الجهاد، فاضلا، يذكر عنه أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة (4).
ونقل بعض العلماء من كتاب لحفيد بقي عبد الرحمن بن أحمد:
سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكة إلى بغداد، وكان رجلا بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل. قال: فلما قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع، فاغتممت غما شديدا، فاحتللت بغداد، واكتريت بيتا في فندق، ثم أتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس، فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يتكلم في