سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٢٢٦
قال أبو حفص بن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح بين ابن أبي داود، وابن صاعد، فجمعهما، وحضر أبو عمر القاضي، فقال الوزير: يا أبا بكر! أبو محمد أكبر منك، فلو قمت إليه، فقال: لا أفعل، فقال الوزير: أنت شيخ زيف، فقال: الشيخ الزيف: الكذاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال الوزير: من الكذاب؟ قال: هذا. ثم قام، وقال:
تتوهم أني أدل لك لأجل رزقي، وأنه يصل [إلي] على يدك؟! والله لا آخذ (1) من يدك شيئا. قال: فكان الخليفة المقتدر يزن رزقه بيده، ويبعث به في طبق على يد الخادم (2).
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت أبا بكر يقول: قلت لأبي زرعة الرازي: ألق علي حديثا غريبا من حديث مالك، فألقى علي حديث وهب ابن كبسان، عن أسماء حديث: " لا تحصي فيحصى عليك " (3). رواه عن عبد الرحمن بن شيبة، وهو ضعيف. فقلت له: يجب أن تكتبه عني، عن أحمد بن صالح، عن عبد الله بن نافع، عن مالك. فغضب أبو زرعة، وشكاني إلى أبي، وقال انظر ما يقول لي أبو بكر (4).
ويروى بإسناد منقطع: أن أحمد بن صالح كان يمنع المرد من حضور مجلسه، فأحب أبو داود أن يسمع ابنه منه، فشد على وجهه لحية، وحضر، فعرف الشيخ، فقال: أمثلي يعمل معه هذا؟! فقال أبو داود: لا

(١) في " التذكرة " و " الميزان ": " لا أخذت ".
(٢) تذكرة الحفاظ: ٢ / ٧٧٠. ميزان الاعتدال: ٢ / ٤٣٤.
(٣) الحديث صحيح من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر. أخرجه البخاري: ٣ / ٢٣٨، في الزكاة: باب التحريض على الصدقة، ومسلم:
(١٠٢٩) في الزكاة أيضا: باب الحث في الإنقاق وكراهية الاحصاء.
(٤) تذكرة الحفاظ: ٢ / 770.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»