سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٢٢٥
المنبر بعدما عمي، ويقعد دونه بدرجة ابنه أبو معمر - بيده كتاب - فيقول له:
حديث كذا، فيسرده من حفظه، حتى يأتي على المجلس.
قرأ علينا يوما حديث " الفتون " (1) من حفظه، فقام أبو تمام الزينبي، وقال: لله درك! ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي. فقال: كل ما كان يحفظ إبراهيم، فأنا أحفظه، وأنا أعرف النجوم، وما كان هو يعرفها (2).
أنبأنا المسلم بن محمد (3)، وغيره: سمعوا أبا اليمن الكندي، أنبأنا أبو منصور الشيباني، أنبأنا أبو بكر الخطيب، قال: عبد الله بن أبي داود رحل به أبوه من سجستان، يطوف به شرقا وغربا بخراسان والجبال وأصبهان وفارس والبصرة وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر والجزيرة والثغور، يسمع ويكتب واستوطن بغداد، وصنف " المسند " و " السنن "، و " التفسير "، و " القراءات "، " والناسخ والمنسوخ "، وغير ذلك. وكان فقيها، عالما حافظا (4).
قلت: وكان رئيسا عزيز النفس، مدلا بنفسه. سامحه الله.

(١) هو حديث طويل جدا أخرجه النسائي في التفسير، وابن جرير ١٦ / ١٦٤، ١٦٧، وابن أبي حاتم من طريق يزيد بن هارون، أنبأنا أصبغ بن زيد، حدثنا القاسم بن أبي أيوب، أخبرني سعيد بن جبير، عن ابن عباس... قال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكره بطوله في تفسيره ٣ / ١٤٨، ١٥٣: وهو موقوف من كلام ابن عباس، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه، وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما مما أبيح نقله عن الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره والله أعلم، وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضا. وأورده السيوطي في " الدر المنثور " ٤ / ٢٩٦، وزاد نسبته إلى ابن أبي عمر العدني في مسنده، وعبد بن حميد، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن مردويه.
(٢) تذكرة الحفاظ: ٢ / ٧٦٩، وانظر: ميزان الاعتدال: ٢ / ٤٣٦.
(٣) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (٨٤)، ت: ٣. عن " مشيخة " المؤلف.
(٤) تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٦٩ - ٧٧٠. وانظر: تاريخ بغداد: ٩ / 464
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»