ومات متولي البصرة، وهاجت الاعراب بها، وفتحوا السجون، فتخلص قومه (1) فبادر إلى البصرة في رمضان سنة خمس، وحوله جماعة، واستجاب له عبيد زنوج للناس، فأفسدهم وجسرهم، وعمد إلى جريدة، فكتب على خرقة عليها * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) * [التوبة: 111]. وكتب اسمه، وخرج بهم في السحر لليلتين بقيتا من رمضان في ألف نفس، فخطبهم، وقال: أنتم الامراء وستملكون.... ووعدهم، ومناهم، ثم طلب أستاذيهم، وقال: أردت ضرب أعناقكم لأذيتكم لهؤلاء الغلمان. قالوا: هؤلاء أبقوا (2) ولا يبقون عليك ولا علينا. فأمر غلمانهم، فبطحوهم، وضربوا كل واحد خمس مئة، وحلفهم بالطلاق أن لا يعلموا أحدا بموضعه.
وقيل: كان ثم خمسة عشر ألف عبد يعملون في أموال مواليهم، فأنذروا ساداتهم بما جرى، فقيدوهم، فأقبل حزبه، فكسروا قيودهم، وضموهم إليه، فلما كان يوم الفطر ركز علمه (3)، وصلى بهم العيد، وخطبهم، وأعلمهم أن الله يريد أن يمكن لهم ويملكهم، وحلف لهم على ذلك (4)، ثم نزل، فصلى بهم.
ثم لم يزل ينهب ويغير، ويكثر جمعه من كل مائق (5) وقاطع طريق، حتى استفحل أمره، وعظمت فتنته، وغنم الخيول والسلاح، والأمتعة والأموال والمواشي. وصار من الملوك. وصار كلما حاربه عسكر وانهزموا،