سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٠
بالانتماء إليهم، وإلا فالرجل دهري فيلسوف زنديق.
ظهر بالبصرة (1)، واستغوى عبيد الناس وأوباشهم، فتجمع له كل لص ومريب، وكثروا، فشد بهم على أهل البصرة، وتم له ذلك، واستباحوا البلد، واسترقوا الذرية، وملكوا، فانتدب لحربهم عسكر المعتمد، فالتقى الفريقان، وانتصر الخبيث، واستفحل بلاؤه، وطوى البلاد، وأباد العباد، وكاد أن يملك بغداد، وجرت بينه وبين الجيش عدة مصافات (2)، وأنشأ مدينة سماها: المختارة، في غاية الحصانة، وزاد جيشه على مئة ألف، ولولا زندقته ومروقه لاستولى على الممالك.
وقد سقت من فتنته في دولة المعتمد، وكانت أيامه أربع عشرة سنة.
قال نفطويه: كان أولا؟؟؟، وربما كتب العوذ، فأخذه محمد بن أبي عون: فحبسه، ثم أطلقه، فما لبث أن خرج واستغوى الزنج - يعني:
عبيد الناس والذين يكسحون ويزبلون (3) - فصار من أمره ما صار وحافته الخلفاء، ثم أظفرهم الله به بعد حروب تشيب النواصي.
وقتل ولله الحمد في سنة سبعين ومئتين، في صفر، وله ثمان وأربعون سنة.
؟؟؟؟ أفردت أخباره ووقائعه لبلغت مجلدا. وكان مفرط الشجاعة،

(1) كان أول ظهوره سنة (255 ه‍). انظر: " الكامل " لابن الأثير: 7 / 205، وما بعد.
(2) يقال: صف الجيش يصفه صفا، وصافه فهو مصاف: إذا رتب صفوفه في مقابل صفوف العدو. والمصاف، بفتح الميم، وتشديد الفاء: جمع مصف: وهو موضع الحرب الذي يكون فيه الصفوف.
(3) الكسح: الكنس. والكساحة: الكناسة. ويزبلون، أي: يصلحون الأرض بالزبل.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»