قال أبو بكر الخلال: كان الأثرم جليل القدر، حافظا، وكان عاصم ابن علي لما قدم بغداد، طلب رجلا يخرج له فوائد يمليها، فلم يجد (1) في ذلك الوقت غير أبي بكر الأثرم. فكأنه لما رآه لم يقع منه موقعا لحداثة سنة. فقال له أبو بكر: أخرج كتبك، فجعل يقول له: هذا الحديث خطأ وهذا غلط، وهذا كذا. قال: فسر عاصم بن علي به، وأملى قريبا من خمسين مجلسا (2). وكان يعرف الحديث ويحفظ. فلما صحب أحمد بن حنبل ترك ذلك، وأقبل على مذهب أحمد.
سمعت أبا بكر المروذي يقول: قال الأثرم: كنت أحفظ - يعني:
الفقه والاختلاف - فلما صحبت أحمد بن حنبل تركت ذلك كله. وكان معه تيقظ عجيب، حتى نسبه يحيى بن معين، ويحيى بن أيوب المقابري، فقال: كان أحد أبوي الأثرم جنيا (3).
ثم قال الخلال: وأخبرني أبو بكر بن صدقة، سمعت أبا القاسم بن الختلي (4) قال: قام (5) رجل فقال: أريد من يكتب لي من كتاب الصلاة ما ليس في كتب أبي بكر بن أبي شيبة. فقلنا له ليس لك إلا أبو بكر الأثرم.
قال: فوجهوا إليه ورقا، فكتب ست مئة ورقة من كتاب الصلاة. قال:
فنظرنا، فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شئ (6).