سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٥٣٧
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو النضر المروزي، قال لي جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشئ، فقلت له: كان أحمد بن حنبل يقول به، ولكنه كان يخالف، كأني أشرت إلى آبائه - فقال: رحمه الله أحمد بن حنبل، لو جاز لي لتبرأت من أبي، تكلم بالحق وقل به، فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني (1).
قال نفطويه (2): أخبرنا بعض الهاشميين أنه وجد للمهتدي صفط فيه جبة صوف، وكساء كان يلبسه في الليل، ويصلي فيه، وكان قد اطرح الملاهي، وحرم الغناء، وحسم أصحاب السلطان عن الظلم، وكان شديد الاشراف على أمر الدواوين، يجلس بنفسه، ويجلس بين يديه الكتاب، يعملون الحساب، ويلزم الجلوس يومي الخميس والاثنين، وقد ضرب جماعة من الكبار، ونفى جعفر بن محمود إلى بغداد لرفض فيه، وقدم موسى بن بغا من الري فكرهه، وبعث بعبد الصمد بن موسى الهاشمي يأمره بالرجوع، فلم يفعل، وعزل من القضاء ابن أبي الشوارب، وحبسه، وولى مكانه عبد الرحمن بن نائل البصري.
وفي أوائل خلافته عبأ موسى بن بغا جيشه، وشهر السلاح بسامراء لقتل صالح بن وصيف بدم المعتز، ولاخذه أموال أمه قبيحة، وأموال الدواوين. وصاحت الغوغاء على صالح: يا فرعون، جاءك موسى.
فطلب موسى الاذن على المهتدي بالله، فلم يأذن له، فهجم بمن معه والمهتدي جالس في دار العدل، فأقاموه وحملوه على أكدش (3)، وانتهبوا

(1) " تاريخ الخلفاء ": 361، 362.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 3 / 350، و " تاريخ الخلفاء ": 362.
(3) الخبر مطولا في " تاريخ الطبري " 9 / 384، و " الكامل " لابن الأثير 7 / 218، و " تاريخ الخلفاء " للسيوطي: 362: واللفظ في " تاريخ الطبري " و " الكامل ": حملوه على دابة من دواب الشاكرية. وفي " تاريخ الخلفاء ": على فرس ضعيفة.
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»