وفي سنة 258 جرت وقعة بين الزنج، وبين العسكر، فانهزم العسكر، وقتل قائدهم منصور، ثم نهض أبو أحمد الموفق ومفلح في عسكر عظيم إلى الغاية لحرب الخبيث، فانهزم جيشه، ثم تهيأ وجمع الجيوش، وأقبل فتمت ملحمة لم يسمع بمثلها. وظهر المسلمون، ثم قتل مقدمهم مفلح (1)، فانهزم الناس، واستباحهم الزنج، وفر الموفق إلى الأبلة، وتراجعت إليه العساكر. ثم التقى الزنج فانتصر،، وأسر طاغيتهم يحيى.
وبعث به إلى سامراء فذبح، ووقع الوباء، فمات خلائق. ثم التقى الموفق الزنج فانكسر، وقتل خلق من جيشه، وتحيز هو في طائفة، وعظم البلاء.
وكاد الخبيث أن يملك الدنيا، وكان كذابا ممخرقا ماكرا شجاعا داهية، ادعى انه بعث إلى الخلق، فرد الرسالة. وكان يدعي علم الغيب، لعنه الله.
ودخلت سنة تسع، فعرض الموفق جيشه بواسط، وأما الخبيث فدخل البطائح، وبثق حوله الأنهار وتحصن، فهجم عليه الموفق، وأحرق وقتل فيهم، واستنقذ من السبايا، ورد إلى بغداد، فسار خبيث الزنج إلى الأهواز، فوضع السيف، وقتل نحوا من خمسين ألفا، وسبى أربعين ألفا، فسار لحربه موسى بن بغا فتحاربا بضعة عشر شهرا، وذهب تحت السيف خلائق من الفريقين. فإنا لله، وإنا إليه راجعون.
وفيها عصى كنجور (2)، فسار لحربه عدة أمراء، فأسر وذبح (3).
وأقبلت الروم، فنازلوا ملطية وسميساط، فبرز القابوس بأهل ملطية، فهزم الروم، وقتل مقدمهم (4).