قال علي بن حرب: أدخلت على المعتز بالله ليسمع مني الحديث، فما رأيت خليفة أحسن منه، وأمه رومية.
بويع وقت خلع المستعين (1).. فلما كان بعد أشهر من ولايته، خلع أخاه المؤيد بالله إبراهيم من العهد، فما بقي إبراهيم حتى مات، وخاف المعتز من أن يتحدث الناس أنه سمه، فأحضر القضاة، حتى شاهدوه، وما به أثر. فالله أعلم.
وكانت دولة المعتز مستضعفة مع الأتراك، فاتفق القواد، وقالوا:
أعطنا أرزاقنا. ويقبل (2) صالح بن وصيف، وكان المعتز يخافه، فطلب من أمه مالا لينفقه فيهم، فشحت عليه، فتجمع الأتراك لخلعه، واتفق معهم صالح وبابياك. ومحمد بن بغا، فتسلحوا، وأتوا الدار، وبعثوا إلى المعتز ليخرج إليهم. فقال: قد شربت دواء، وأنا ضعيف، فهجم جماعة، جروه وضربوه، وأقاموه في الحر، فبقي المسكين يتضور وهم يلطمونه، ويقولون: اخلع نفسك. ثم أحضروا القاضي (3) والعدول، وخلعوه، وأقدموا من بغداد محمد بن الواثق، وكان المعتز قد أبعده، فسلم المعتز إليه الخلافة، وبايعوه، ولقب بالمهتدي بالله.
ثم إن رؤوس الأتراك، أخذوا المعتز بعد خمسة أيام، فأدخلوه حماما، وأكربوه حتى عطش، ومنعوه الماء حتى كاد، ثم سقوه ماء ثلج، فسقط ميتا. رحمه الله. وذلك في شعبان سنة خمس وخمسين.