سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٤٩٤
" مختصره "، صلى لله ركعتين (1).
وروي أن القاضي بكار بن قتيبة قدم على قضاء مصر، وكان حنفيا، فاجتمع بالمزني مرة، فسأله رجل من أصحاب بكار، فقال: قد جاء في الأحاديث تحريم النبيذ، وجاء تحليله، فلم قدمتم التحريم؟ فقال المزني: لم يذهب أحد إلى تحريم النبيذ في الجاهلية ثم حلل لنا، ووقع الاتفاق على أنه كان حلالا، فحرم. فهذا يعضد أحاديث التحريم.
فاستحسن بكار ذلك منه (2).
قلت: وأيضا فأحاديث التحريم كثيرة صحاح، وليس كذلك أحاديث الإباحة.
قال عمرو بن تميم المكي: سمعت محمد بن إسماعيل الترمذي قال: سمعت المزني يقول: لا يصح لاحد توحيد حتى يعلم أن الله تعالى على العرش بصفاته. قلت له: مثل أي شئ؟ قال: سميع بصير عليم.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن شاذان، سمعت محمد بن علي الكتاني، وسمعت عمرو بن عثمان المكي، يقول: ما رأيت أحدا من المتعبدين في كثرة من لقيت منهم أشد اجتهادا من المزني، ولا أدوم على العبادة منه. وما رأيت أحدا أشد تعظيما للعلم وأهله منه. وكان من أشد الناس تضييقا على نفسه في الورع، وأوسعه في ذلك على الناس، وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي (3).
قلت: وبلغنا أن المزني رحمه الله كان مجاب الدعوة، ذا زهد

(1) " وفيات الأعيان " 1 / 217، و " طبقات السبكي " 2 / 94.
(2) " وفيات الأعيان " 1 / 218، و " طبقات السبكي " 2 / 95.
(3) " طبقات السبكي " 2 / 94.
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»