قلت: رافق أخاه في الطلب، وتشاركا في ضبط الكتب، فساغ له أن يروي من كتب أخيه، فكيف بالماضين، لو رأونا اليوم نسمع من أي صحيفة مصحفة على أجهل شيخ له إجازة، ونروي من نسخة أخرى بينهما من الاختلاف والغلط ألوان، ففاضلنا يصحح ما تيسر من حفظه، وطالبنا يتشاغل بكتابة أسماء الأطفال، وعالمنا ينسخ، وشيخنا ينام، وطائفة من الشبيبة في واد آخر من المشاكلة والمحادثة. لقد اشتفى بنا كل مبتدع، ومجنا كل مؤمن. أفهؤلاء الغثاء هم الذين يحفظون على الأمة دينها؟ كلا والله. فرحم الله هدبة، وأين مثل هدبة؟ نعم ما هو في الحفظ كشعبة.
وعن الفضل بن الحباب، قال: مررنا بهدبة في أيام أبي الوليد الطيالسي وهو قاعد على الطريق. فقلنا: لو سألناه أن يحدثنا، فسألناه، فقال: الكتب كتب أمية - يريد أخاه.
قال الحسن بن سفيان: سمعت هدبة بن خالد، يقول: صليت على شعبة. فقيل له: رأيته؟ فغضب، وقال: رأيت من هو خير منه حماد بن سلمة، وكان سنيا، وكان شعبة رأيه رأي الارجاء.
قلت: كلا لم يكن شعبة مرجئا ولعله شئ يسير لا يضره.
وقال ابن عدي: سمعت أبا يعلى، وسئل عن هدبة وشيبان أيهما أفضل؟
فقال: هدبة أفضلهما وأوثقهما وأكثرهما حديثا، كان حديث حماد بن سلمة عنده نسختين: واحدة على الشيوخ، وأخرى على التصنيف.
قال عبدان الأهوازي: كنا لا نصلي خلف هدبة من طول صلاته، يسبح في الركوع والسجود نيفا وثلاثين تسبيحة. قال: وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار، لحيته ووجهه، وكل شئ منه حتى صلاته.