سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٥٠٢
حزروا بذلك في ميدان الأشنان.
أخبرنا أبو الحسن الغرافي (1)، أخبرنا أبو القطيعي، أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر الذهبي، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا لوين، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن الزبير، حدثتني عائشة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لها:
" إن قومك استقصروا حين بنوا هذا البيت، فتركوا بعضه في الحجر "، فلما هدمه ابن الزبير، وجد القواعد داخلة في الحجر، فدعا قريشا، فاستشارهم، فقال: كيف ترون هذه القواعد؟ قالوا: ابن عليها. فبنى عليها، فأدخلها البيت، وجعل له بابين، فلما جاء الحجاج، قال: إن ابن الزبير لم يدعه الشيطان، حتى أدخل في البيت ما ليس منه، فهدمه فبناه كما كان (2).

(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته "، ورقة 94 / ب و 95 / أ، وهو علي بن أحمد بن علي ابن أبي العباس أحمد بن خلف العاصي، أبو الحسن الإسكندراني المالكي، من كبار علماء الثغر. ناب في القضاء مدة. ولد سنة 707 ه‍. والغراف: بليدة ذات بساتين آخر البطائح وتحت واسط.
(2) يزيد بن أبي زياد هو الهاشمي الكوفي ضعيف، وباقي رجاله ثقات. وأما متن الحديث فصحيح، أخرجه البخاري 3 / 351 وما بعدها في الحج: باب فضل مكة وبنيانها، و 8 / 129، ومسلم (1333) (398) و (399) و (400) و (401) و (402) و (403) و (404) و (405) في الحج: باب نقض الكعبة وبناؤها، والنسائي 5 / 214، 216، وأخرجه أحمد 6 / 113 و 176، 177 و 247. وجاء في مسلم في رواية عطاء، قال: فلما قتل ابن الزبير، كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة. فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير بشئ، وأما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر، فرده إلى بنائه، وسد البناء الذي فتحه. فنقضه وأعاده إلى بنائه. ثم إن عبد الملك ندم على ذلك، فنعد مسلم من طريق الوليد بن عطاء أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وفد على عبد الملك في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خبيب - يعني: ابن الزبير - سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها. فقال الحارث:
بلى، أنا سمعته منها. زاد عبد الرزاق، عن ابن جريج فيه: وكان الحارث مصدقا لا يكذب.
فقال عبد الملك: أنت سمعتها تقول ذلك؟ قال: نعم. قال: فنكت ساعة بعصاه، ثم قال:
وددت أني تركته وما تحمل. وفي مسلم أيضا من طريق أبي قزعة أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال: قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين، يقول: سمعتها تقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة، لولا حدثان قومك بالكفر، لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر، فإن قومك قصروا في البناء " فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث بهذا. قال: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه، لتركته على ما بنى ابن الزبير.
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»