قال الفرهياني وغيره من الحفاظ: أعلم أهل زمانه بعلل الحديث علي.
يعقوب الفسوي في " تاريخه " (1): حدثني بكر بن خلف، قال:
قدمت مكة وبها شاب حافظ، كان يذاكرني المسند (2) بطرقها. فقلت له: من أين لك هذا؟ قال: أخبرك، طلبت إلى علي أيام سفيان أن يحدثني بالمسند، فقال: قد عرفت، إنما تريد بذلك المذاكرة. فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني، فعلت. قال: فضمنت له، واختلفت إليه، فجعل يحدثني بذا الذي أذاكرك به حفظا.
قال الفسوي: فذكرت هذا لبعض من كان يلزم عليا، فقال:
سمعت عليا يقول: غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن - أظنه ذكر ثلاث سنين - وأمي حية. فلما قدمت، قالت: يا بني: فلان لك صديق، وفلان لك عدو. قلت: من أين علمت يا أمه؟ قالت: كان فلان وفلان، فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيؤون مسلمين، فيعزوني، ويقولون: اصبري، فلو قدم عليك، سرك الله بما ترين.
فعلمت أن هؤلاء أصدقاء. وفلان وفلان إذا جاؤوا، يقولون لي: اكتبي إليه، وضيقي عليه ليقدم.
فأخبرني العباس بن عبد العظيم أو غيره، قال: قال علي: كنت صنفت " المسند " على الطرق مستقصى، كتبته في قراطيس وصيرته في قمطر كبير، وخلفته في المنزل، وغبت هذه الغيبة. قال: فجئت