سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٤٣٠
معروف بن محمد بن معروف الواعظ، عن أبي المستضئ معاوية بن أوس السكسكي من أهل بيت قوفا، قال: رأيت هشام بن عمار إذا مشى أطرق إلى الأرض لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله عز وجل.
قلت: وكان هشام خطيبا بليغا صاحب بديهة.
روى عنه عبدان الجواليقي، قال: ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة.
ثم قال عبدان: ما كان في الدنيا مثله.
وقال أبو زرعة الرازي: من فاته هشام بن عمار، يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث.
قال أبو بكر أحمد بن المعلى القاضي: رأيت هشام بن عمار في النوم، والمشايخ متوافرون، سليمان بن عبد الرحمن وغيره، وهو يكنس المسجد، فماتوا، وبقي هو آخرهم.
قال ابن حبان البستي: كانت أذناه لاصقتين برأسه، وكان يخضب بالحناء.
قلت: لم يخرج له الترمذي سوى حديث سوق الجنة (1)، رواه عن

(1) أخرجه الترمذي (2549)، باب ما جاء في سوق الجنة، من طريق محمد بن إسماعيل، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
ونصه بتمامه: " إن أهل الجنة إذا دخلوها، نزلوا فيها بفضل أعمالهم، ثم يؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون ربهم، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم - وما فيهم من دني - على كثبان المسك والكافور، وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا. قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، وهل نرى ربنا؟ قال: نعم، قال: هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ قلنا: لا. قال: كذلك لا تمارون في رؤية ربكم، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاصره الله محاصرة، حتى يقول للرجل منهم: يا فلان ابن فلان، أتذكر يوم كذا وكذا؟ فيذكر ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه. فبينما هم على ذلك، غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط. ويقول ربنا، تبارك وتعالى: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما اشتهيتم. فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب، فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيها ولا يشترى. وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا. قال: فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة، فيلقى من هو دونه - وما فيهم دني - فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه ما ينبغي لاحد أن يحزن فيها، ثم ننصرف إلى منازلنا، فيتلقانا أزواجنا، فيقلن: مرحبا وأهلا، لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه، فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار، وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا ".
وأخرجه ابن ماجة (4336) عن هشام بن عمار به.
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»