سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٤٣٢
إطلاقها، وإن كان لها معنى صحيح، لكن يحتج بها الحلولي والإتحادي.
وما بلغنا أنه سبحانه وتعالى تجلى لشئ إلا بجبل الطور، فصيره دكا. وفي تجليه لنبينا، صلى الله عليه وسلم، اختلاف أنكرته عائشة، وأثبته ابن عباس (1).
وبكل حال كلام الاقران بعضهم في بعض يحتمل، وطيه أولى من بثه إلا أن يتفق المتعاصرون على جرح شيخ، فيعتمد قولهم، والله أعلم.
وقد روى هشام غير حديث، عن ابن لهيعة في كتابه إليه. وحسبك قول أحمد بن أبي الحواري مع جلالته: إذا حدثت ببلد فيه مثل هشام بن عمار يجب للحيتي أن تحلق.
وقال أبو بكر المروذي في كتاب " القصص ": ورد علينا كتاب من دمشق: سل لنا أبا عبد الله، فإن هشاما، قال: لفظ جبريل عليه السلام، ومحمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن مخلوق. فسألت أبا عبد الله، فقال: أعرفه طياشا، لم يجتر الكرابيسي أن يذكر جبريل ولا محمدا. هذا قد تجهم في كلام غير هذا. قلت: كان الإمام أحمد يسد الكلام في هذا الباب، ولا يجوزه، وكذلك كان يبدع من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. ويضلل من يقول:
لفظي بالقرآن قديم، ويكفر من يقول: القرآن مخلوق. بل يقول: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وينهى عن الخوض في مسألة اللفظ. ولا ريب أن تلفظنا بالقرآن من كسبنا، والقرآن الملفوظ المتلو كلام الله تعالى غير مخلوق، والتلاوة والتلفظ والكتابة والصوت به من أفعالنا، وهي مخلوقة، والله أعلم.

(1) انظر تحقيق المسألة في " زاد المعاد " 3 / 36، 37.
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»