وقد أنبأنا الثقة، عن أبي المكارم التيمي، أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن محمد بن عمر، قال: سئل عبد الله بن أحمد: هل عقل أبوك عند المعاينة؟ قال: نعم. كنا نوضئه، فجعل يشير بيده، فقال لي صالح: أي شئ يقول؟ فقلت: هو ذا يقول: خللوا أصابعي، فخللنا أصابعه ثم ترك الإشارة، فمات من ساعته.
وقال صالح: جعل أبي يحرك لسانه إلى أن توفي.
وعن أحمد بن داود الأحمسي، قال: رفعنا جنازة أحمد مع العصر، ودفناه مع الغروب.
قال صالح: لم يحضر أبي وقت غسله غريب، فأردنا أن نكفنه، فغلبنا عليه بنو هاشم، وجعلوا يبكون عليه، ويأتون بأولادهم فيكبونهم عليه ويقبلونه، ووضعناه على السرير، وشددنا بالعمائم.
قال الخلال: سمعت ابن أبي صالح القنطري، يقول: شهدت الموسم أربعين عاما، فما رأيت جمعا قط مثل هذا - يعني: مشهد أبي عبد الله.
الخلال: سمعت عبد الوهاب الوراق، يقول: أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة والطعن على أهل البدع، فسر الله المسلمين بذلك على ما عندهم من المصيبة لما رأوا من العز وعلو الاسلام، وكبت أهل الزيغ.
ولزم بعض الناس القبر، وباتوا عنده، وجعل النساء يأتين حتى منعن.
وسمعت المروذي يقول عن علي بن مهرويه، عن خالته، قالت: ما صلوا ببغداد في مسجد العصر يوم وفاة أحمد، وقيل: إن الزحمة دامت على القبر أياما.