سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٨٣
وروي عن أبي جهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تماروا في القرآن، فإن مراء فيه كفر " (1).
وقال ابن عباس: قدم رجل على عمر، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا. فقال ابن عباس:
فقلت: والله ما أحب أن يتسارعوا يومهم في القرآن هذه المسارعة. فزبرني عمر، وقال: مه. فانطلقت إلى منزلي كئيبا حزينا، فينا أنا كذلك، إذ أتاني رجل، فقال: أجب أمير المؤمنين. فخرجت، فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي، وقال: ما الذي كرهت؟ قلت: يا أمير المؤمنين، متى يتسارعوا هذه المسارعة، يحتقوا، (2) ومتى (ما) يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك، والله إن كنت لأكتمها الناس، حتى جئت بها.
وروي عن جابر، قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعرض نفسه على الناس بالموقف، فيقول: " هل من رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي " (3).

(١) أخرجه أحمد ٤ / ١٧٠ من طريق أبي سلمة الخزاعي، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني يزيد بن خصيفة، أخبرني بسر بن سعيد، قال: حدثني أبو جهيم أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: تلقيتها من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسألا النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: " القرآن يقرأ على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن مراء في القرآن كفر ".
وإسناده صحيح. وفي الباب عن عمرو بن العاص عند أحمد ٤ / ٢٠٤.
(٢) أي يقول كل منهم: الحق في يدي ومعي.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٧٣٤) في السنة: باب في القرآن، والترمذي (٢٩٢٦) في ثواب القرآن: باب حرص النبي، صلى الله عليه وسلم، على تبليغ القرآن، وابن ماجة (201) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، كلهم من حديث إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر. وإسناده صحيح، وقال الترمذي: هذا حديث غريب صحيح.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»