سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٢
مئتي درهم. فقلت: لا تكفيني. قال: ليس هنا غيرها، ولكن هوذا، أعمل بك شيئا (1) أعطيك ثلاث مئة تفرقها. قال: فلما أخذتها، قلت:
ليس والله أعطي أحدا منها شيئا، فتبسم.
قال عبد الله: ما رأيت أبي دخل الحمام قط.
الخلال: حدثنا عبد الله بن حنبل: حدثني أبي، قال: قيل لأبي عبد الله لما ضرب وبرئ، وكانت يده وجعة مما علق، وكانت تضرب عليه، فذكروا له الحمام، وألحوا عليه، فقال لأبي: يا أبا يوسف، كلم صاحب الحمام يخليه لي، ففعل ثم امتنع، وقال: ما أريد أن أدخل الحمام.
زهير بن صالح: حدثنا أبي قال: سمعت أبي كثيرا يتلو سورة الكهف، وكثيرا ما كنت أسمعه، يقول: اللهم سلم سلم.
وحدثنا عن يونس بن محمد، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: اللهم سلم سلم.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي: سمعت أحمد بن حنبل يقول في سنة ثمان وعشرين ومئتين، وقد حدث بحديث معونة (2) في البلاء: اللهم رضينا، اللهم رضينا.

(١) في الأصل: " شئ ".
(٢) معونة، بفتح الميم وضم العين: موضع في بلاد هذيل، بين مكة وعسفان، كانت فيها الوقعة، وتعرف بسرية القراء، استشهد فيها عدد كبير منهم، وكانت مع بني رعل وذكوان، في صفر، على رأس ستة وثلاثين شهرا من الهجرة. أخرجه البخاري في " صحيحه " ٧ / ٢٩٦، ٢٩٧، في المغازي، وجاء في نهايته: ".. فدعا النبي، صلى الله عليه وسلم، شهرا في صلاة الغداة، وذلك بدء القنوت، وما كنا نقنت ". وصحابي الحديث هو أنس بن مالك. وأخرجه مسلم ٣ / ١٥١١ رقم الحديث الخاص (١٤٧) في الامارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، ونصه من حديث أنس بن مالك، قال: جاء أناس إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالوا أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة.
فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم: القراء، فيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل، يتعلمون. وكانوا بالنهار يجيؤون بالماء، فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء. فبعثهم النبي، صلى الله عليه وسلم، إليهم فعرضوا لهم، فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا، أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنا. قال: وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فزت ورب الكعبة! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأصحابه: " إن إخوانكم قد قتلوا، وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا، أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنا ".
انظر خبرها في ابن هشام 2 / 183، 187، والطبري 3 / 33، وابن سيد الناس 2 / 46، وابن كثير 3 / 139، 144، و " شرح المواهب " 2 / 74، 79.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»