سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٦٠٣
وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب. قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.
قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال، وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان، فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الأنصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري (1).
ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فهو أدرى بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره عليه السلام، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأى رئيه بياء مشددة. وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون (2). وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم (3)، وليس هذا من باب كتمان العلم

(1) وكلاهما ضعيف، والخبر أورده الحافظ في " الإصابة " 4 / 470 في ترجمة أم الطفيل، ونسبه للدارقطني، وقال: ومروان متروك. قال ابن معين: ومن مروان حتى يصدق.
(2) أخرجه عنه البخاري في " صحيحه " 1 / 199 في العلم: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، من طريق عبيد الله بن موسى، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن علي.
(3) أخرجه البخاري 1 / 191، 192، في العلم: باب حفظ العلم، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم. قال الحافظ: وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان. بشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين للهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة.
(٦٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 ... » »»