سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٥٠٦
قلت: قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى، استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها، والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ، وما تعرض لتأويل، مع كون الباري قال: (لتبين للناس ما نزل إليهم) [النحل: 44]، فعلينا الايمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
قال عبدان بن محمد المروزي: أخبرنا أبو سعيد الضرير قال: كنت عند الأمير عبد الله بن طاهر، فورد عليه نعي أبي عبيد، فأنشأ يقول:
يا طالب العلم قد مات ابن سلام * وكان فارس علم غير محجام مات الذي كان فينا ربع أربعة * لم يلق مثلهم أستاذ أحكام خير البرية عبد الله أولهم * وعامر، ولنعم التلو يا عام هما اللذان أنافا فوق غيرهما * والقاسمان ابن معن وابن سلام (1) ذكر أبا عبيد أبو عمرو الداني في " طبقات القراء " فقال: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي، وعن شجاع، وعن إسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وأبي مسهر. إلى أن قال: وهو إمام أهل دهره في

(1) الأبيات في " تاريخ بغداد " 12 / 412، و " نزهة الألباء ": 141، وانظر " معجم الأدباء " 16 / 257، و " إنباه الرواة " 3 / 20.
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»