سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٤٥
قلت: هذه الحكاية تدل على جلالة عفان وارتفاع شأنه عند الدولة، فإن غيره امتحن، وقيد وسجن، وعفان فما فعلوا معه غير قطع الدراهم عنه.
قال القاسم بن أبي صالح: سمعت إبراهيم بن ديزيل يقول: لما دعي عفان للمحنة، كنت آخذا بلجام حماره، فلما حضر، عرض عليه القول، فامتنع أن يجيب، فقيل له: يحبس عطاؤك - قال: وكان يعطى في كل شهر ألف درهم - فقال: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) فلما رجع إلى داره عذله نساؤه ومن في داره، قال: وكان في داره نحو أربعين إنسانا، فدق عليه داق الباب، فدخل عليه رجل شبهته بسمان أو زيات، ومعه كيس فيه ألف درهم، فقال: يا أبا عثمان ثبتك الله كما ثبت الدين، وهذا في كل شهر (1).
حاجب الطوسي: حدثنا عبد الرحيم بن منيب قال: قال عفان:
اختلف أنا وفلان إلى حماد بن سلمة سنة لا نكتب شيئا، وسألناه الاملاء، فلما أعياه، دعا بنا إلى منزله، فقال: ويحكم تشلون (2) علي الناس.
قلنا: لا نكتب إلا إملاء، فأملى بعد ذلك (3).
قال ابن معين: إذا اختلف أبو الوليد وعفان عن حماد، فالقول قول عفان، عفان أثبت منه وأكيس في كل شئ، وأبو الوليد ثقة ثبت، وعفان

(1) " تاريخ بغداد " 12 / 271، 272، و " تهذيب الكمال " لوحة 943، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(2) تشلون: أي: تغرون، من أشليت الكلب على الصيد: إذا أغريته، وقد تحرف في " تاريخ بغداد " إلى: " تسألون ".
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و " تهذيب الكمال " لوحة 943.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»