سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٤٤
بعفان وهو مغفل؟ فسكت، فوجهه يوما في مسألة، فذهب، فسأل عنهم، وجعل المسألة في كمه، واشترى قبيطا (1)، وجعله في كمه، وجاء، فأخرج إلى معاذ المسألة، وقد اختلط بها القبيط، فضحك، وقال: من يلومني على عفان (2)؟
قال حنبل: حضرت أبا عبد الله وابن معين عند عفان بعد ما دعاه إسحاق بن إبراهيم للمحنة، وكان أول من امتحن من الناس عفان، فسأله يحيى من الغد بعد ما امتحن، وأبو عبد الله حاضر ونحن معه، فقال:
أخبرنا بما قال لك إسحاق؟ قال: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك، إني لم أجب. فقال له: فكيف كان؟ قال: دعاني وقرأ علي الكتاب الذي كتب به المأمون من الجزيرة، فإذا فيه: امتحن عفان، وادعه إلى أن يقول: القرآن كذا وكذا، فإن قال ذلك فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه الذي يجرى عليه - وكان المأمون يجري على عفان كل شهر خمس مئة درهم - فلما قرأ علي الكتاب قال لي إسحاق، ما تقول؟ فقرأت عليه: (قل هو الله أحد) حتى ختمتها، فقلت: أمخلوق هذا؟ فقال: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك إليه يقطع عنك ما يجري عليك. فقلت: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) [الذاريات: 22]، فسكت عني، وانصرفت. فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى (3).

(1) في القاموس: القبيط: الناطف.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 270، و " تهذيب الكمال " لوحة 943، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 1.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 271، و " تهذيب الكمال " لوحة 943، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»