قال الحسن بن حامد: فحدثني عبد الرحمن، عن رجل يكنى أبا بكر: أن أبا مسهر أقيم ببغداد ليقول قولا يبرئ فيه نفسه من المحنة، ويوقى المكروه، فبلغني أنه قال في ذلك الموقف: جزى الله أمير المؤمنين خيرا، علمنا ما لم نكن نعلم، وعلم علما ما علمه من كان قبله، وقال: قل: القرآن مخلوق وإلا ضربت عنقك، ألا فهو مخلوق.
قال: فأرجو أن يكون له في هذا المقالة نجاة.
الصولي: حدثنا عون بن محمد، عن أبيه، قال: قال إسحاق بن إبراهيم: لما صار المأمون إلى دمشق ذكروا له أبا مسهر، ووصفوه بالعلم والفقه، فأحضره، فقال: ما تقول في القرآن؟ قال: كما قال الله تعالى:
(وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) [التوبة: 5] فقال: أمخلوق هو أو غير مخلوق؟ قال: ما يقول أمير المؤمنين؟ قال: مخلوق، قال: يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة أو التابعين؟ قال: بالنظر، واحتج عليه. فقال: يا أمير المؤمنين نحن مع الجمهور الأعظم أقول بقولهم، والقرآن كلام الله غير مخلوق. قال: يا شيخ أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم هل اختتن؟ قال: ما سمعت في هذا شيئا. قال: فأخبرني عنه أكان يشهد إذا زوج أو تزوج؟ قال: ولا أدري. قال: اخرج قبحك الله، وقبح من قلدك دينه، وجعلك قدوة (1).
قال أبو حاتم الرازي: ما رأيت أحدا أعظم قدرا من أبي مسهر، كنت أراه إذا خرج إلى المسجد، اصطف الناس يسلمون عليه، ويقبلون يده (2).