سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٨
وقال أبو حاتم: كان حافظا متقنا، لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، وكان أبو نعيم يحفظ حديث الثوري حفظا جيدا - يعني الذي عنده عنه - قال: وهو ثلاثة آلاف وخمس مئة حديث، ويحفظ حديث مسعر، وهو خمس مئة حديث، وكان لا يلقن (1).
قال أحمد بن منصور الرمادي: خرجت مع أحمد ويحيى إلى عبد الرزاق خادما لهما، قال: فلما عدنا إلى الكوفة، قال يحيى بن معين:
أريد أن أختبر أبا نعيم، فقال أحمد: لا ترد، فالرجل ثقة، قال يحيى:
لا بد لي. فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثا وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه، ثم إنهم جاؤوا إلى أبي نعيم، فخرج، وجلس على دكان طين، وأخذ أحمد بن حنبل، فأجلسه عن يمينه، ويحيى عن يساره، وجلست أسفل الدكان، ثم أخرج يحيى الطبق، فقرا عليه عشرة أحاديث، فلما قرأ الحادي عشر، قال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي، اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث، ثم قرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم، وانقلبت عيناه، ثم أقبل على يحيى، فقال: أما هذا - وذراع أحمد بيده - فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا - يريدني - فأقل من أن يفعل ذاك، ولكن هذا من فعلك يا فاعل. وأخرج رجله، فرفس يحيى، فرمى به من

(1) " الجرح والتعديل " 7 / 62: وهذا دلالة على تمكنه من الحفظ، فإن التلقين كما سيذكر المؤلف ص 210 هو أن يحدث المحدث، فيغلط أثناء التحديث، أو يتوقف، فيرده الطلبة، فيأخذ بقولهم.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»