سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٤٦٠
وعن أبي حذافة السهمي قال: كان للواقدي ست مئة قمطر (1) كتب.
قال إبراهيم الحربي: سمعت المسيبي يقول: رأينا الواقدي يوما جالسا إلى أسطوانة في مسجد المدينة، وهو يدرس، فقلنا: أي شئ تدرس؟ فقال: جزئي من المغازي. وقلنا يوما له: هذا الذي تجمع الرجال تقول: حدثنا فلان وفلان، وجئت بمتن واحد، لو حدثتنا بحديث كل واحد على حدة، فقال: يطول. قلنا له: قد رضينا، فغاب عنا جمعة، ثم جاءنا بغزوة أحد، في عشرين جلدا، فقلنا: ردنا إلى الأمر الأول (2).
قال أبو بكر الخطيب: كان الواقدي مع ما ذكرناه من سعة علمه، وكثرة حفظه لا يحفظ القرآن. فأنبأني الحسين بن محمد الرافقي (3)، حدثنا أحمد بن كامل القاضي، حدثني محمد بن موسى البربري قال:
قال المأمون للواقدي: أريد أن تصلي الجمعة غدا بالناس، فامتنع، قال: لا بد، فقال: والله ما أحفظ سورة الجمعة، قال: فأنا أحفظك، فجعل المأمون يلقنه سورة الجمعة حتى بلغ النصف منها، فإذا حفظه، ابتدأ بالنصف الثاني، فإذا حفظه، نسي الأول، فأتعب المأمون، ونعس، فقال لعلي بن صالح: حفظه أنت، قال علي:
ففعلت، فبقي كلما حفظته شيئا، نسي شيئا، فاستيقظ المأمون، فقال

(1) القمطر، والقمطرة: ما تصان فيه الكتب قال ابن السكيت: لا يقال بالتشديد، وينشد:
ليس بعلم ما يعي القمطر * ما العلم إلا ما وعاه الصدر (2) " تاريخ بغداد " 3 / 7.
(3) هذه النسبة إلى الرافقة، وهي بلدة كبيرة على الفرات، يقال لها الآن: الرقة.
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»