سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٧
وعن عبد الرحمن أنه كان يكره الجلوس إلى ذي هوى أو ذي رأي.
وقال رسته: قام ابن مهدي من المجلس، وتبعه الناس، فقال: يا قوم، لا تطأون عقبي، ولا تمشن خلفي، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن، قال عمران: خفق النعال خلف الأحمق قل ما يبقي من دينه (1).
قال رسته: سألت ابن مهدي عن الرجل يتمنى الموت مخافة الفتنة على دينه، قال: ما أرى بذلك بأسا، لكن لا يتمناه من ضر به، أو فاقة، تمنى الموت أبو بكر وعمر ومن دونهما (2).
وسمعت ابن مهدي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " (3)، فقلت: الآمر رجل، فقال: خد بما [لا] يريبك حتى لا يصيبك ما يريبك - يعني الحيل -.
وبلغنا عن ابن مهدي قال: ما هو - يعني الغرام بطلب الحديث - إلا مثل لعب الحمام ونطاح الكباش.
قلت: صدق والله إلا لمن أراد به الله، وقليل ما هم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم (4)، أخبرنا القاضي جمال الدين

(1) الخبر في " حلية الأولياء " 9 / 12، وفيه " ولا تمشوا " بدل " ولا تمشن ".
(2) " حلية الأولياء " 9 / 13، والنهي عن تمني الانسان الموت لضر أصابه ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس عند البخاري 10 / 107، 108، في المرض، ومسلم (2680) في الذكر والدعاء، وأبي داود (3108) والترمذي (970)، والنسائي 4 / 3، ولفظه: " لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ".
(3) أخرجه الترمذي (2520) في أبواب صفة القيامة: باب اعقلها وتوكل، والنسائي 8 / 327، 328، وأحمد 1 / 200، وإسناده صحيح، وصححه الترمذي، وابن حبان (512)، والخبر بطوله في " الحلية " 9 / 13.
(4) هو عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الثقة المعمر مسند وقته، قال المؤلف في " مشيخته " ورقة 107: تفرد في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، وقرأت عليه " المبهج في القراءات السبعة " لابن مجاهد، و " الكفاية في القراءات الست "، وسمعت منه نحوا من ثمانين جزءا، ونعم الشيخ كان دينا وتواضعا، ولطفا وحسن أخلاق، ومحبة للحديث، وقرأ عليه الكثير الشيخ علي الموصلي، والشيخ علم الدين، وكان له بستان كبير بعربيل يقوم به، ويقيم غالبا فيه، ومات في ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وست مئة.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»