سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ١٩٠
يقول: أربعة كانوا في الدنيا أعملوا أنفسهم في طلب الحلال، ولم يدخلوا أجوافهم إلا الحلال: وهيب بن الورد، وشعيب بن حرب، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخواص.
قال عبد الله بن خبيق: سمعت شعيب بن حرب: أكلت في عشرة أيام أكلة وشربت شربة.
أحمد بن الحسين الصوفي: سمعت أبا حمدون الطيب بن إسماعيل يقول: ذهبنا إلى المدائن إلى شعيب بن حرب، وكان قاعدا على شط دجلة، قد بنى له كوخا، وخبز له معلق في شريط، ومطهرة، يأخذ كل ليلة رغيفا يبله في المطهرة، ويأكله، فقال بيده هكذا، إنما كان جلدا وعظما (1)، فقال: أرى هنا بعد لحما، والله لأعلمن في ذوبانه حتى أدخل إلى القبر وأنا عظام تقعقع، أريد السمن للدود والحيات؟ فبلغ أحمد قوله، فقال: شعيب بن حرب حمل على نفسه في الورع (2).
قال محمد بن عيسى المدائني: مات شعيب بمكة سنة ست وتسعين ومئة، وقال محمد بن المثنى وغيره: سنة سبع وتسعين ومئة رحمة الله عليه.

(1) في الأصل: جلد وعظم.
(2) وليس ذلك الصنيع من هدي سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، الذي كان يستعيذ من الجوع، ويقول: إنه بئس الضجيع، ويأكل ويشرب من الأطايب وما قاربها مما تيسر له، ويتعاطى الأودية التي يصح بها الجسم، ويأمر بذلك أصحابه، وينكر على من يصوم الدهر، ويقوم الليل كله، ويعرض عن الزواج، ويقول: " إني أخشاكم لله وأتقاكم له، أما إني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني ".
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»