وضع الكتاب، وجئ بالنبيين والشهداء، لسرك أن يكون لك في ذلك الجمع منزلة، أبعد الدنيا دار معتمل، أم إلى غير الآخرة منتقل؟. هيهات ولكن صمت الآذان عن المواعظ، وذهلت القلوب عن المنافع، فلا الواعظ ينتفع، ولا السامع ينتفع.
وعنه: هب الدنيا في يديك، ومثلها ضم إليك، وهب المشرق والمغرب يجئ إليك، فإذا جاءك الموت، فماذا في يديك؟! ألا من امتطى الصبر، قوي على العبادة، ومن أجمع الناس، استغنى عن الناس، ومن أهمته نفسه لم يول مرمتها (1) غيره، ومن أحب الخير، وفق له، ومن كره الشر، جنبه، ألا متأهب فيما يوصف أمامه، ألا مستعد ليوم فقره، ألا مبادر فناء أجله. ما ينتظر من ابيضت شعرته بعد سوادها، وتكرش وجهه بعد انبساطه، وتقوس ظهره بعد انتصابه، وكل بصره، وضعف ركنه، وقل نومه، وبلي منه شئ بعد شئ في حياته، فرحم الله امرأ عقل الامر، وأحسن النظر، واغتنم أيامه.
وعنه: الدنيا كلها قليل، والذي بقي منها قليل، والذي لك من الباقي قليل، ولم يبق من قليلك إلا قليل، وقد أصبحت في دار العزاء، وغدا تصير إلى دار الجزاء، فاشتر نفسك لعلك تنجو.
توفي ابن السماك سنة ثلاث وثمانين ومئة، وقد أسن.
85 - مرحوم * (ع) ابن عبد العزيز بن مهران، الامام المحدث الثقة، أبو محمد، وقيل