الملوك، فغزر علمه، ودق نظره، وكان له يد بيضاء في معرفة الرجال والأنساب، والاخبار، وقلما تجد له كتابا إلا وله فيه قراءة أو نظر، من أي فن كان. ويكتب فيه نسب المؤلف، ومولده ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد.
ومن محاسنه أنه شدد من مملكته في إبطال الخمور تشديدا عظيما.
وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد، على أنموذجه في محبة العلم، فقتل في أيام أبيه.
وكان المستنصر موثقا فيما ينقله. ذكره ابن الأبار في تاريخه. وقال:
عجبا لابن الفرضي، وابن بشكوال، كيف لم يذكراه.
مولده في سنة اثنتين وثلاث مئة.
قال اليسع بن حزم: كان الحكم عالما، راوية للحديث، فطنا، ورعا.
وفد عليه أبو علي القاضي، وأبو علي الزبيدي، وغيرهما.
ولما توفي القاضي منذر بن سعيد استعمل على القضاء الفقيه ابن بشير، فشرط عليه نفوذ الحق والعدل، فرفع إليه تاجر أنه ضاعت له جارية صغيرة، وأنها في القصر، فانتهى الامر إلى الحكم، فقال الحكم: نرضي هذا التاجر بكل ما عسى أن يرضى به، فقال ابن بشير: لا يكمل عدلك حتى تنصف من نفسك، وهذا قد ادعى أمرا، فلابد من إحضارها، وشهادة الشهود على عينها، فأحضرها الحكم، وأنصف التاجر.
وفي دولة الحكم همت الروم بأخذ مواضع من الثغور، فقواها بالمال والجيوش، وغزا بنفسه، وزاد في القطيعة على الروم، وأذلهم.