سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٤٢٣
وسليمان الأعمش، وجماعة.
حدث عنه: ابن علية، وزافر بن سليمان، ومصعب بن المقدام، وإسحاق بن منصور السلولي، وأبو نعيم، وآخرون.
وكان من كبار أئمة الفقه والرأي، برع في العلم بأبي حنيفة، ثم أقبل على شأنه، ولزم الصمت، وآثر الخمول، وفر بدينه.
سأله رجل عن حديث، فقال: دعني أبادر خروج نفسي.
وكان الثوري يعظمه، ويقول: أبصر داود أمره.
قال ابن المبارك: هل الامر إلا ما كان عليه داود.
وقيل: إنه غرق كتبه.
وسأله زائدة عن تفسير آية فقال: يا فلان! انقطع الجواب.
قال ابن عيينة: كان داود ممن علم وفقه (1)، ونفذ في الكلام، فحذف إنسانا، فقال أبو حنيفة: يا أبا سليمان! طال لسانك ويدك. فاختلف بعد ذلك سنة، لا يسأل ولا يجيب (2).
قلت: حرب (3) نفسه ودربها، حتى قوي على العزلة.

(1) الخبر في " تهذيب التهذيب ": 3 / 203، وزاد: " ثم أقبل على العبادة ".
(2) نص الخبر في " الحلية ": 7 / 336: " قال سفيان بن عيينة: كان داود ممن فقه، ثم علم، ثم عمل، وكان يجالس أبا حنيفة، فحذف يوما إنسانا، فقال له أبو حنيفة: يا أبا سليمان!
طالت يدك، وطال لسانك، قال: ثم كان يختلف ولا يتكلم. قال: فلما علم أنه يصبر، عمد إلى كتبه ففرقها في الفرات، وأقبل على العبادة، وتخلى، وكان زائدة بن قدامة صديقا له، قال: فأتاه يوما، فقال: يا أبا سليمان! * (آلم غلبت الروم) *، [الروم: 2]. قال: وكان يجيب في هذه الآية، فقال له: يا أبا الصلت! انقطع الجواب، ودخل بيته ". وانظر " تاريخ بغداد " 8 / 348.
(3) حرب نفسه: عاداها وأغضبها. يقال: حريته، أي: أغضبته، وحملته على الغضب، وعرفته بما يغضب منه.
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»