سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ١٢٠
الأوزاعي باكيا قط، ولا ضاحكا حتى تبدو نواجذه، وإنما كان يتبسم أحيانا، كما روي في الحديث (1). وكان يحيي الليل صلاة وقرآنا وبكاء. وأخبرني بعض إخواني من أهل بيروت، أن أمه كانت تدخل منزل الأوزاعي، ونتفقد موضع مصلاه، فتجده رطبا من دموعه في الليل.
أبو مسهر: حدثني محمد بن الأوزاعي قال: قال لي أبي: يا بني! لو كنا نقبل من الناس كل ما يعرضون علينا، لأوشك أن نهون عليهم.
العباس بن الوليد: حدثنا أبي: سمعت الأوزاعي يقول: عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال، وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الامر ينجلي وأنت على طريق مستقيم.
قال بقية بن الوليد: قال لي الأوزاعي: يا بقية! لا تذكر أحدا من أصحاب نبيك إلا بخير. يا بقية! العلم ما جاء عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وما لم يجئ عنهم، فليس بعلم.
قال بقية، والوليد بن مزيد: قال الأوزاعي: لا يجتمع حب علي وعثمان - رضي الله عنهما - إلا في قلب مؤمن.
كتب إلي القاضي عبد الواسع الشافعي، وعدة، عن أبي الفتح المندائي (2)، أنبأنا عبيد الله بن محمد بن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أنبأنا جدي في كتاب " الأسماء والصفات " (3) له، أنبأنا أبو عبد الله

(١) أخرجه البخاري في " صحيحه ": ١٠ / ٤٢١، في الأدب: باب التبسم والضحك، عن عائشة قالت: " ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم ".
(٢) المندائي: بنون، وهمزة قبل ياء النسب، وهو مسند العراق أبو الفتح محمد بن أحمد.
(تبصير المنتبه: ١٣٩٩).
(٣) ص ٤٠٨.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»