يوم عاشوراء، وأصبح المسودة قد فقدوا أميرهم قحطبة، ثم أخرجوه من الماء ودفنوه، وأمروا مكانه ولده الحسن بن قحطبة، فسار بهم إلى الكوفة، فدخلوها يوم عاشوراء أيضا، فهرب متوليها زياد بن صالح إلى واسط.
وترتب في إمرة الكوفة للمسودة، أبو سلمة الخلال. ثم سار ابن قحطبة، وحازم بن خزيمة، فنازلوا واسط، وعملوا على أنفسهم خندقا، فعبأ ابن هبيرة جيوشه، والتقاهم، فانكسر جمعه، ونجوا إلى واسط.
وقتل في المصاف يزيد أخو الحسن بن قحطبة، وحكيم بن المسيب الجدلي. وفي المحرم قتل أبو مسلم جماعة، منهم ابن الكرماني، وجلس على تخت الملك، وبايعوه، وخطب، ودعا للسفاح.
وفي ثالث يوم من ربيع الأول، بويع السفاح بالخلافة، بالكوفة، في دار مولاه الوليد بن سعد. وسار الخليفة مروان في مئة ألف فارس، حتى نزل الزابين (1) دون الموصل، يقصد العراق. فجهز السفاح له عمه عبد الله بن علي، فكانت الوقعة على كشاف، في جمادى الآخرة، فانكسر مروان وتقهقر، وعدى الفرات، وقطع وراءه الجسر، وقصد الشام ليتقوى، ويلتقي ثانيا.
فجد في طلبه عبد الله بن علي حتى طرده عن دمشق، ونازلها، وأخذها بعد أيام، وبذل السيف، وقتل بها في ثلاث ساعات نحوا من خمسين ألفا، غالبهم من جند بني أمية.
وانقضت أيامهم، وهرب مروان إلى مصر في عسكر قليل، فجدوا في طلبه، إلى أن بيتوه بقرية بوصير، فقاتل حتى قتل، وطيف برأسه في البلدان، وهرب ابناه إلى بلاد النوبة.