أبيت عيسى.
وعن هريم قال: قلت لإبراهيم: لا تظهر على المنصور حتى تأتي الكوفة، فأن ملكتها لم تقم له قائمة. وإلا فدعني أسير إليها أدعو لك سرا، ثم أجهر. فلو سمع المنصور هيعة بها، طار إلى حلوان، فقال: لا نأمن أن تجيبك منهم طائفة [فيرسل إليهم أبو جعفر خيلا فيطأ البرئ والنطف والصغير والكبير] (1) فنتعرض لاثم. فقلت: خرجت لقتال مثل المنصور وتتوقى ذلك؟!.
لما نزل باخمرا كتب إليه سلم بن قتيبة، إنك قد أصحرت ومثلك أنفس به على الموت. فخندق على نفسك. فإن أنت لم تفعل، فقد أعرى أبو جعفر عسكره. فخف في طائفة حتى تأتيه فتأخذ بقفاه، فشاور قواده فقالوا: نخندق على نفوسنا ونحن ظاهرون؟! وقال بعضهم: أنأتيه وهو في أيدينا متى شئنا؟!
وعن بعضهم قال: التقى الجمعان، فقلت لإبراهيم: إن الصف إذا انهزم تداعى، فاجعلنا كراديس فتنادي أصحابه: لا، لا. وقلت: إنهم مصبحوك في أكمل سلاح وكراع، ومعك عراة. فدعنا نبيتهم؟ فقال: إني أكره القتل. فقال:
تريد الخلافة، وتكره القتل؟ - وباخمرا على يومين من الكوفة - فالتحم الحرب، وانهزم حميد بن قحطبة. فتداعى الجيش، فناشدهم عيسى فما أفاد. وثبت هو في مئة فارس. فقيل له: لو تنحيت؟ قال: لا أزول حتى أقتل أو أنصر، ولا يقال:
انهزم.
وكان المنصور يصغي إلى النجوم ولا يتأثم من ذلك. فيقال: إنه قال لعيسى:
إنهم يقولون: إنك لاقيه وإن لك جولة، ثم يفئ إليك أصحابه. قال عيسى:
فلقد رأيتني وما معي إلا ثلاثة [أو] أربعة. فقال غلامي: علام تقف؟! قلت: