سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٢٢٣
والله لا يراني أهل بيتي منهزما، فإنا لكذلك إذ صمد ابنا سليمان بن علي لإبراهيم، فخرجا من خلفه. ولولا هما لافتضحنا. وكان من صنع الله أن أصحابنا لما انهزموا عرض لهم نهر، ولم يجدوا مخاضه فرجعوا. فانهزم أصحاب إبراهيم، وثبت هو في خمس مئة. وقيل: بل في سبعين. واشتد القتال، وتطايرت الرؤوس، وحمي الحرب إلى أن جاء سهم غرب لا يعرف راميه في حلق إبراهيم. فتنحى، وأنزلوه وهو يقول: (وكان أمر الله قدرا مقدورا) [الأحزاب:
38]. أردنا أمرا وأراد الله غيره. فحماه أصحابه. فأنكر حميد بن قحطبة اجتماعهم. وحمل عليهم فانفرجوا عن إبراهيم. فنزل طائفة، فاحتزوا رأسه، رحمه الله، وأتي بالرأس إلى عيسى، فسجد، ونفذه إلى المنصور لخمس بقين من ذي القعدة، سنة خمس وأربعين وعاش ثمانيا وأربعين سنة. وقيل: كان عليه زردية (1) فحسر من الحر عن صدره فأصيب. وكان قد وصل خلق من المنهزمين إلى الكوفة، وتهيأ المنصور، وأعد السبق للهرب إلى الري. فقال له نوبخت (2) المنجم: الظفر لك. فما قبل منه، فلما كان الفجر، أتاه الرأس فتمثل بقول معقر البارقي (3):
فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر قال خليفة: صلى إبراهيم العيد بالناس أربعا. وخرج معه أبو خالد الأحمر، وهشيم، وعباد بن العوام، وعيسى بن يونس، ويزيد بن هارون، ولم يخرج شعبة.
وكان أبو حنيفة يأمر بالخروج. قال: وحدثني من سمع حماد بن زيد يقول: ما بالبصرة إلا من تغير أيام إبراهيم إلا ابن عون.

(1) الزرد: حلق المغفر والدرع، واليها هذه النسبة.
(2) في الطبري " ينبخت ".
(3) كما في " المؤتلف والمختلف ": 128، ونسبه الجاحظ في " البيان والتبيين " 3 / 40 إلى مضرس العبدي.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»