سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٥٣٣
نفسه أن لا يسمع رجلين يتنازعان في القدر إلا قام فصلى ركعتين (1).
قلت: هذا يدل على أن البصرة كانت تغلي في ذلك الوقت بالقدر، وإلا، فلو جعل الفقيه اليوم على نفسه ذلك لأوشك أن يبقى السنة والسنتين لا يسمع متنازعين في القدر ولله الحمد، ولا يتظاهر أحد بالشام ومصر بإنكار القدر.
عن بكر المزني وهو في " الزهد " لأحمد - قال: كان الرجل في بني إسرائيل إذا بلغ المبلغ، فمشى في الناس، تظله غمامة (2).
قلت: شاهده أن الله قال: (وظللنا عليكم الغمام) [البقرة: 57 الأعراف: 159] ففعل بهم تعالى ذلك عاما، وكان فيهم الطائع والعاصي.
فنبينا صلوات الله عليه أكرم الخلق على ربه، وما كانت له غمامة تظله ولا صح ذلك (3)، بل ثبت أنه لما رمى الجمرة كان بلال يظله بثوبه من حر الشمس.
ولكن كان في بني إسرائيل الأعاجيب والآيات، ولما كانت هذه الأمة خير الأمم، وإيمانهم أثبت، لم يحتاجوا إلى برهان، ولا إلى خوارق، فافهم هذا، وكلما ازداد المؤمن علما ويقينا، لم يحتج إلى الخوارق، وإنما الخوارق للضعفاء، ويكثر ذلك في اقتراب الساعة.
عبد الملك بن مروان الحذاء: حدثنا يزيد بن زريع، عن حميد الطويل، قال: قومت كسوة بكر بن عبد الله أربعة آلاف.
وساقها أبو نعيم (4) بإسناد آخر عن حميد.

1) الحلية 2 / 225 وانظر المصدر السابق.
2) الحلية 2 / 226 وله تتمة.
3) يريد المؤلف رحمه الله خبر التقاء الرسول صلى الله عليه وسلم ببحيرى الراهب وقد أورده في تاريخه الكبير 2 / 26 - 30 واستنكره جدا وقال: وفيه ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطرقية لكن الحافظ ابن حجر وغيره صححوا الحديث، وعدوا لفظ (وبعث معه أبو بكر بلالا) منكرا.
4) في الحلية 2 / 227.
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»