سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٨
قال سالم بن أبي حفصة لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير قال: أنا سعيد ابن جبير، قال: أنت شقي بن كسير، لأقتلنك. قال: فإذا أنا كما سمتني أمي، ثم قال: دعوني أصل ركعتين. قال: وجهوه إلى قبلة النصارى. قال:
(أينما تولوا فثم وجه الله)، وقال: إني أستعيذ منك بما عاذت به مريم. قال:
وما عاذت به؟ قال: قالت: (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا).
رواها ابن عيينة، عن سالم. ثم قال ابن عيينة: لم يقتل بعد سعيد إلا رجلا واحدا (1).
وعن عتبة مولى الحجاج، قال: حضرت سعيدا حين أتى به الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول: ألم أفعل بك؟! ألم أفعل بك؟! فيقول:
بلى. قال: فما حملك على ما صنعت من خروجك عينا؟ قال: بيعة كانت علي - يعني لابن الأشعث - فغضب الحجاج وصفق بيديه، وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى. وأمر به، فضربت عنقه (2).
وقيل: لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا، لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لاطفه في الاعتذار.
حامد بن يحيى البلخي: حدثنا حفص أبو مقاتل السمرقندي، حدثنا عون بن أبي شداد: بلغني أن الحجاج لما ذكر له سعيد بن جبير أرسل إليه قائدا يسمى المتلمس بن أحوص في عشرين من أهل الشام، فبينما هم يطلبونه إذا هم براهب في صومعته، فسألوه عنه فقال: صفوه لي، فوصفوه فدلهم عليه، فانطلقوا فوجدوه ساجدا يناجي بأعلى صوته، فدنوا وسلموا،

(1) الحلية 4 / 290.
(2) الحلية 4 / 290، وانظر ابن سعد 6 / 265.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»