سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٢١٦
الله عنه فنذر دمه ووضع عليه العيون. فلم تحمله أرض، فاستجار بروح بن زنباع فأقام في ضيافته، فقال: ممن أنت؟ قال: من الأزد. فبقي عنده سنة فأعجبه إعجابا شديدا، فسمر روح ليلة عند أمير المؤمنين، فتذاكرا شعر عمران هذا. فلما انصرف روح، تحدث مع عمران بما جرى، فأنشده بقية القصيد، فلما عاد إلى عبد الملك قال: إن في ضيافتي رجلا ما سمعت منه حديثا قط إلا وحدثني به وبأحسن منه، ولقد أنشدني تلك القصيدة كلها.
قال: صفه لي، فوصفه له. قال: إنك لتصف عمران بن حطان، اعرض عليه أن يلقاني. قال: فهرب إلى الجزيرة، ثم لحق بعمان فأكرموه.
وعن قتادة، قال: لقيني عمران بن حطان، فقال: يا أعمى، احفظ عني هذه الأبيات:
حتى متى تسقى النفوس بكأسها * ريب المنون وأنت لاه ترتع أفقد رضيت بأن تعلل بالمنى * وإلى المنية كل يوم تدفع أحلام نوم أو كظل زائل * إن اللبيب بمثلها لا يخدع فتزودن ليوم فقرك دائبا * واجمع لنفسك لا لغيرك تجمع (1) وبلغنا أن الثوري كان كثيرا ما يتمثل بأبيات عمران هذه:
أرى أشقياء الناس لا يسأمونها * على أنهم فيها عراة وجوع أراها وإن كانت تحب فإنها * سحابة صيف عن قليل تقشع كركب قضوا حاجاتهم وترحلوا * طريقهم بادي العلامة مهيع (2) قال عبدا لباقي بن قانع الحافظ: توفي عمران بن حطان سنة أربع وثمانين.

1) الأبيات في تاريخ الاسلام 3 / 285 وخزانة الأدب بتحقيق هارون 5 / 360، 361.
2) الأبيات في تاريخ الاسلام 3 / 286 وخزانة الأدب تحقيق عبد السلام هارون 5 / 361 وفيه: " بادي الغيابة مهيع ".
(٢١٦)
مفاتيح البحث: التاريخ الإسلامي (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»