سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
الملك، وتحير الحجاج في أمره، وقال: أعياني هذا، وجمع له جيشا كثيفا نحو خمسين ألفا (1).
وعرض شبيب جنده فكانوا ألفا، وقال: يا قوم، إن الله نصركم وأنتم مئة، فأنتم اليوم مئون. ثم ثبت معه ست مئة، فحمل في مئتين على الميسرة هزمها، ثم قتل مقدم العساكر عتاب بن ورقاء التميمي، فلما رآه شبيب صريعا توجع له، فقال خارجي له: يا أمير المؤمنين تتوجع لكافر؟،! ثم نادى شبيب برفع السيف، ودعا إلى طاعته، فبايعوه ثم هربوا في الليل (2).
ثم جاء المدد من الشام، فالتقاه الحجاج بنفسه، فجرى مصاف لم يعهد مثله، وثبت الفريقان، وقتل مصاد أخو شبيب، وزوجته غزالة، ودخل الليل وتقهقر شبيب وهو يخفق رأسه، والطلب في أثره، ثم فتر الطلب عنهم، وساروا إلى الأهواز، فبرز متوليها محمد بن موسى بن طلحة، فبارز شبيبا فقتله شبيب، ومضى إلى كرمان (3) فأقام شهرين ورجع، فالتقاه سفيان بن أبرد الكلبي وحبيب الحكمي على جسر دجيل. فاقتتلوا حتى دخل الليل، فعبر شبيب على الجسر، فقطع به، فغرق وقيل: بل نفر به فرسه، فألقاه في الماء سنة سبع وسبعين وعليه الحديد فقال: (ذلك تقدير العزيز العليم) [يس:
38] وألقاه دجيل إلى الساحل ميتا، وحمل إلى الحجاج، فشق جوفه وأخرج قلبه، فإذا داخله قلب آخر (4).

(1) انظر التفاصيل في " تاريخ الطبري " 6 / 218 وما بعدها.
(2) انظر الطبري 6 / 262 وما بعدها.
(3) هي ولاية مشهورة، وناحية كبيرة معمورة، ذات بلاد وقرى ومدن واسعة (تقع في القسم الشرقي من إيران اليوم).. شرقيها مكران والبحر وغربيها أرض فارس وشماليها مفازة خراسان وجنوبيها بحر فارس. قال ابن الكلبي: سميت بكرمان بن فلوج بن لنطي بن يافث بن نوح عليه السلام، فتحها عثمان بن أبي العاص في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(4) انظر الطبري 6 / 271 وما بعدها و 279 وما بعدها. وفيه: " فأخرج قلبه فكان مجتمعا صلبا كأنه صخرة ".
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»