سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٤٩٣
النصراني، فقلت: نعيم؟ قال: نعم. قلت: ما فعلت بنصرانيتك؟
قال: تحنفت بعدك. ثم أتينا دمشق، فلقيت (1) كعبا، فقال: إذا أتيتم بيت المقدس، فاجعلوا الصخرة بينكم وبين القبلة. ثم انطلقنا ثلاثتنا حتى أتينا أبا الدرداء، فقالت أم الدرداء لكعب: ألا تعدني على أخيك؟ يقوم الليل ويصوم النهار. قال: فجعل لها من كل ثلاث ليال ليلة. ثم أتينا بيت المقدس، فسمعت يهود بنعيم وكعب، فاجتمعوا فقال كعب: هذا كتاب قديم وإنه بلغتكم (2)، فاقرؤوه. فقرأه قارئهم حتى أتى على ذلك المكان:
(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (آل عمران: 85) فأسلم منهم اثنان وأربعون حبرا، ففرض لهم معاوية، وأعطاهم.
ثم قال همام: وحدثني بسطام بن مسلم، حدثنا معاوية بن قرة، أنهم تذاكروا ذلك الكتاب، فمر بهم شهر بن حوشب، فقال: على الخبير سقطتم، إن كعبا لما احتضر، قال: ألا رجل أأتمنه على أمانة؟ فقال رجل: أنا، فدفع إليه ذلك الكتاب، وقال: اركب البحيرة، فإذا بلغت مكان كذا وكذا، فاقذفه، فخرج من عند كعب، فقال: كتاب فيه علم، ويموت كعب لا أفرط به، فأتى كعبا وقال: فعلت ما أمرتني به قال: فما رأيت؟ قال: لم أر شيئا، فعلم كذبه، فلم يزل يناشده، ويطلب إليه حتى رده عليه، فقال: ألا من يؤدي أمانة؟ قال رجل: أنا. فركب سفينة، فلما أتى ذلك المكان، ذهب ليقذفه، فانفرج له البحر، حتى رأى الأرض، فقذفه، وأتاه، فأخبره. فقال كعب: إنها التوراة كما أنزلها الله على موسى

(1) تحرف في المطبوع إلى " فبلغت ".
(2) تحرف في المطبوع إلى " بلغكم ".
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»