سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٤٩٢
اليوم، فدفع إلى شاب منهم، فقرأ كأسرع قارئ، فلما بلغ إلى مكان منه، نظر إلى أصحابه كالرجل يؤذن صاحبه بالشئ، ثم جمع يديه، فقال: يه فنبذه فقال كعب: آه، وأخذه، فوضعه في حجره، فقرأ، فأتى على آية منه، فخروا سجدا، وبقي الشيخ يبكي. قيل: وما يبكيك؟ قال: ومالي لا أبكي، رجل عمل في الضلالة كذا وكذا سنة، ولم أعرف الاسلام حتى كان اليوم.
وقال همام: حدثنا قتادة، عن زرارة، عن مطرف بن مالك (1)، قال: أصبنا دانيال بالسوس في لحد من صفر، وكان أهل السوس إذا أسنتوا استخرجوه، فاستسقوا به، وأصبنا معه ربطتين (من) كتان وستين جرة مختومة، ففتحنا واحدة، فإذا فيها عشرة آلاف، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب، وكان معنا أجير نصراني يقال له: نعيم، فاشتراها بدرهمين.
ثم قال قتادة: وحدثني أبو حسان، أن أول من وقع عليه حرقوص، فأعطاه أبو موسى الربطتين، ومئتي درهم. ثم إنه طلب أن يرد عليه الربطتين، فأبى، فشققها عمائم. وكتب أبو موسى في ذلك إلي عمر، فكتب إليه: إن نبي الله دعا أن لا يرثه إلا المسلمون، فصل عليه، وادفنه.
قال همام بن يحيى: وحدثنا فرقد، حدثنا أبو تميمة، أن كتاب عمر جاء: أن اغسله بالسدر وماء الريحان.
ثم رجع إلى حديث مطرف بن مالك قال: فبدا لي أن آتي بيت المقدس، فبينا أنا في الطريق، إذا أنا براكب شبهته بذلك الأجير

(١) ترجمه في " الجرح والتعديل " ٨ / ٣١٢، فقال: مطرف بن مالك أبو الرئاب القشيري شهد فتح تستر مع أبي موسى الأشعري، روى عنه زرارة بن أوفى ومحمد بن سيرين سمعت أبي يقول ذلك. وباقي رجال السند ثقات، وانظر في ما ورد في دانيال " البداية والنهاية " 2 / 40، 42.
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»