سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٨
فقم، فقال: أنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوى؟ قالت: نعم.
فأدخلته، وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فانطلق إلى مولاه، فأعلمه، فبعث عبيد الله الشرط إلى مسلم، فخرج، وسل سيفه، وقاتل، فأعطاه ابن الأشعث أمانا، فسلم نفسه، فجاء به إلى عبيد الله، فضرب عنقه وألقاه إلى الناس، وقتل هانئا، فقال الشاعر (1):
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هانئ في السوق وابن عقيل أصابهما أمر الأمير فأصبحا * أحاديث من يسعى بكل سبيل أيركب أسماء الهماليج آمنا * وقد طلبته مذحج بقتيل يعني: أسماء بن خارجة.
قال: وأقبل حسين على كتاب مسلم، حتى إذا كان على ساعة من القادسية، لقيه رجل، فقال للحسين: ارجع، لم أدع لك ورائي خيرا، فهم أن يرجع. فقال إخوة مسلم: والله لا نرجع حتى نأخذ بالثأر، أو نقتل، فقال: لا خير في الحياة بعدكم. وسار. فلقيته خيل عبيد الله، فعدل إلى كربلاء، وأسند ظهره إلى قصميا حتى لا يقاتل إلا من وجه واحد، وكان معه خمسة وأربعون فارسا ونحو من مئة راجل.
وجاء عمر بن سعد بن أبي وقاص - وقد ولاه عبيد الله بن زياد على العسكر - وطلب من عبيد الله أن يعفيه من ذلك، فأبى، فقال الحسين:
اختاروا واحدة من ثلاث، إما أن تدعوني، فألحق بالثغور، وإما أن أذهب إلى يزيد، أو أرد إلى المدينة. فقبل عمر ذلك، وكتب به إلى عبيد الله، فكتب إليه: لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي. فقال الحسين: لا والله!
وقاتل، فقتل أصحابه، منهم بضعة عشر شابا من أهل بيته.

(1) في " الكامل " 4 / 36: فقال عبد الله بن الزبير في قتل هانئ ومسلم، وقيل: قاله الفرزدق. والخبر بطوله مع الشعر في " تهذيب ابن عساكر " 4 / 339، 340.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»